منذ اللحظات الأولى التي أعقبت زلزال الحوز، هبوا لنجدة سكان القرى النائية في سفوح وأعالي جبال الأطلس الكبير، متسلحين بحرفية قل نظيرها وبكثير من التفاني ونكران الذات، من أجل تقديم يد العون والتخفيف من وطأة الفاجعة على السكان المتضررين في هذه المحنة الأليمة.
على كافة الجبهات، تعمل وحدات القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والوقاية المدنية يدا في يد وعلى مدار الساعة، مستعينة بمعدات البحث والرصد من أجهزة استشعار حرارية وأدوات للحفر والقطع ومعدات الانتشال وتثبيت المنشآت، لرصد واستطلاع المناطق المتضررة، وإزالة الأنقاض التي خلفها الزلزال ومواصلة عمليات الإنقاذ، فضلا عن إقامة مراكز مؤقتة لاستقبال وإيواء المتضررين من مختلف الدواوير والقرى.
وضمن ذات الزخم التعبوي الذي انطلق تنفيذا للتعليمات الملكية بنشر وسائل بشرية ولوجيستية مهمة لمساعدة المتضررين من الهزة الأرضية، تتواصل عمليات إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية من مواد غذائية وأدوية وأفرشة وأغطية لفائدة السكان المتضررين من الزلزال.
ففي قرى تلات نيعقوب وأمزميز وأسني، وغيرها من المناطق التي تضررت بفعل الزلزال، يعاين السكان بارتياح كبير الجهود الحثيثة والإمكانيات المهمة التي سخرتها وحدات التدخل المختلفة التي هبت لمد يد المساعدة.
وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يقول أحد سكان جماعة "تلات نيعقوب" التي لا تبعد سوى بـ 10 كيلومترات عن جماعة "إيغيل"، بؤرة الزلزال، إن "هذه التعبئة التي نشهدها في صفوف وحدات التدخل والإنقاذ تمثل خير عزاء لنا وتعيننا على الصمود في مواجهة هذه الظروف الأليمة"، مؤكدا أنه يجري التكفل بالأسر المتضررة ومدها بكل ما تحتاجه من مساعدات على نحو منتظم.
وفي هذه الجماعة القروية التابعة لإقليم الحوز، لا تذخر مختلف وحدات التدخل التابعة للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والوقاية المدنية، وكذا الأطقم الطبية والمتطوعين، جهدا في تقديم الدعم اللازم للسكان المتضررين.
كما تقوم وحدات إنقاذ تابعة للقوات المسلحة الملكية، ضمنها أطباء وممرضون، بطلعات جوية نحو بعض الدواوير التي حالت صعوبة التضاريس والانهيارات الصخرية دون الوصول إليها برا، للبحث عن ضحايا محتملين وإغاثتهم، مستعينة في ذلك بأحدث معدات البحث والإنقاذ، والكلاب المدربة.
ويتم تحديد المناطق المتضررة التي تتطلب تدخل وحدات الإنقاذ، بناء على معطيات توفرها الطائرات المسيرة التي تقوم بمسح المنطقة وتحديد المناطق التي تستدعي التدخل.
وفور العثور على مصابين، يتم نقلهم عبر سيارات الإسعاف أو المروحيات، بحسب خطورة الإصابة، إلى مركز "ثلاث نيعقوب" لتلقي العلاجات الأولية، أو إلى المستشفى الجراحي الميداني التابع للقوات المسلحة الملكية بآسني، فيما يتم نقل الحالات الحرجة جوا إلى مستشفيات مدينة مراكش.
وغير بعيد عن مركز قيادة عمليات الإنقاذ التابع للقوات المسلحة الملكية، تصطف مجموعة من الشاحنات العسكرية المحملة بالمواد الغذائية والخيام والأغطية، في انتظار انطلاقها لتوزيع المعونة على سكان الدواوير المجاورة والبعيدة.
الزخم نفسه يشهده مركز القيادة الميداني التابع للوقاية المدنية، حيث يعمل ضباط وعناصر الوقاية المدنية على جمع المعلومات وفرزها بتنسيق تام مع مصالح الإغاثة الأخرى، من أجل الرفع من فاعلية وكفاءة عمليات الإنقاذ.
ولهذه الغاية، تنتشر مجموعة من سيارات الإسعاف وعناصر الوقاية المدنية بمنطقة "ثلاث نيعقوب"، ومن بينهم أطباء وممرضون، من أجل تقديم المساعدة اللازمة للسكان المتضررين.
ومن جهتها، تضطلع مؤسسة محمد الخامس للتضامن بدور محوري في الجهود الرامية إلى مساعدة المتضررين من الزلزال.
وفي هذا الصدد، قال الطبيب لدى المؤسسة، أيوب دريبلة، إن مؤسسة محمد الخامس للتضامن سارعت منذ الساعات الأولى التي أعقبت الزلزال إلى إرسال طواقمها الطبية إلى كافة المناطق المتضررة لعلاج المصابين".
وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الطواقم الطبية تتعامل مع أنواع مختلفة من الحالات الصحية، أبرزها كسور العظام والجروح، فضلا عن متابعتها لحالات المواطنين الذين يعانون من أمراض مزمنة، لمنع تفاقمها في ظل الظروف الاستثنائية التي تعرفها المنطقة.
حضور لافت للمجتمع المدني
وللتضامن مع سكان "تلات نيعقوب" أوجه متعددة، من ضمنها المبادرات المواطنة لجلب وتوزيع المساعدات على الساكنة المتضررة من الزلزال.
وفي هذا الصدد، قال أمين، طالب ومتطوع من مدينة فاس، إنه أتى إلى منطقة "ثلاث نيعقوب" رفقة مجموعة من زملائه الطلبة من أجل تقديم يد العون إلى سكان المنطقة والدواوير المجاورة.
وأضاف "نحن جميعا متضامنون للتغلب على هذه المحنة"، مشيرا إلى أن مبادرته مع زملائه نجحت في تعبئة أربع شاحنات محملة بمختلف أنواع المواد الغذائية الأساسية والملابس والأفرشة والأغطية والخيام لفائدة السكان المتضررين بالمنطقة.
من جهته، أعرب الحسين، أحد سكان "ثلاث نيعقوب" عن عظيم امتنانه وساكنة المنطقة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي أعطى تعليماته السامية بنشر كافة الوسائل البشرية واللوجستية وتقديم الدعم للسكان المتضررين.
كما أعرب عن شكره للقوات المسلحة الملكية والوقاية المدنية والدرك الملكي والسلطات العمومية وكافة المتدخلين على الجهود الكبيرة التي تبذلها ولتقديمها يد المساعدة للمتضررين من الزلزال.